حالة الصمت بين أفراد الأسرة في غرفة المعيشة أو الأصدقاء في المقهى، نتيجة انشغال كل شخص بهاتفه الذكي، لم تعد نادرة، فمتى يدق جرس الإنذار من “إدمان” الهاتف الذكي؟ وهل من طرق لعلاجه؟
صار الهاتف الذكي من عناصر الحياة اليومية التي لا يستطيع الكثير من الناس في عصرنا الحالي التخلي عنها، فهو وسيلة التواصل مع الأهل والأصدقاء والبحث عن معلومات على الإنترنت والتسوق وربما أيضا البحث عن وظيفة أو عن شريك الحياة. ورغم مزايا الهاتف الذكي العديدة التي تسهل الكثير من أمور الحياة، إلا أنه قد يتحول لحالة إدمان لا تقل خطورة عن إدمان لعب الورق أو الألعاب الالكترونية.
فمع الوقت تتحول حياة البعض لحالة انتظار، سواء لرد صديق على رسالة عبر “فيسبوك” أو الـ”واتس آب” أو لأول شخص يضغط زر “أعجبني” على أحدث صورك على “فيسبوك”، وهي أمور تخلق حالة من الإدمان مع الوقت.
وحاول الباحثون رصد التغيرات التي تحدث في الجسم نتيجة حالة الترقب المتواصلة التي نعيشها بسبب الهاتف الذكي وأشكال التواصل الحديثة، إذ يوضح الباحث ألكساندر ماركوفيتس من جامعة بون الألمانية لصحيفة “راين نيكر تسايتونغ”، أن حالة الترقب تلك تحفز الجسم على إفراز هورمون الدوبامين المعروف بهورمون السعادة والذي يجعل الشخص في حالة رغبة مستمرة في الإمساك بالهاتف ومتابعة كل ما يحدث.
متى تبدأ الخطورة؟
تكمن خطورة إدمان الهاتف الذكي في سهولة التنقل به لكل مكان على العكس من بعض ألعاب المقامرة التي تحتاج للتواجد في أماكن معينة على سبيل المثال. وهنا يشدد الخبراء على أهمية الحفاظ على حدود ثابتة في استخدام الهاتف الذكي، فالنظر لشاشة الهاتف كل 20 دقيقة يقلل من القدرة على الإبداع والشعور بالسعادة، كما يقول الباحث ماركوفيتس الذي طور تطبيقا لقياس العادات المختلفة في التعامل مع الهاتف الذكي، في تصريحات نقلتها صحيفة “أوغسبورغر ألغماينه”.
وأظهر الرصد الذي قام به ماركوفيتس من خلال هذا التطبيق أن المستخدم ينظر يوميا نحو 88 مرة في المتوسط للهاتف الذكي للتأكد من عدم وجود مستجدات، ويقوم بإرسال أو الرد على رسائل نحو 53 مرة في اليوم الواحد، وهي أمور تؤدي لتشتيت الذهن وإضعاف القدرة على التركيز.
لكن هل يعني هذا أن كل شخص يستخدم الهاتف الذكي بشكل كبير يمكن وصفه بـ”المدمن”؟ الإجابة التي توصل إليها الخبراء هي “لا”، فإدمان الهاتف الذكي يحدث عندما يبدأ في التأثير على العلاقات الاجتماعية للشخص ويحرمه من ممارسة هواياته. ولا يجب إغفال أن البعض يلجأ للهاتف الذكي لمحاولة تجاوز بعض المواقف الصعبة أو قتل الملل أثناء رحلة طويلة بالقطار مثلا.
طرق للحل
الالتزام وضبط النفس هما أهم وسائل الحماية من الوقوع في فخ “إدمان” الهاتف الذكي، وهنا ينصح الخبراء بتجنب استخدام الهاتف الذكي تماما على مائدة الطعام أو في غرفة النوم، بالإضافة إلى إغلاق خاصية الاتصال بالإنترنت إلا في حالات الضرورة فقط. ولتجنب وجود الهاتف الذكي في غرفة النوم، ينصح الخبراء بالعودة للمنبه التقليدي والتخلي عن خاصية التنبيه التي يوفرها الهاتف الذكي وبالتالي الاحتفاظ به بعيدا عن مكان النوم.
أما بالنسبة للأطفال، الذين يقضي معظمهم الكثير من الأوقات في التواصل مع زملاء المدرسة عبر برامج الدردشة المختلفة، فينصح الخبراء بشغل أوقاتهم في بدائل أخرى كالرحلات أو الجلسات العائلية أو الأنشطة اليدوية، من دون منعهم بشكل مباشر من استخدام الهاتف الذكي.