من المرجح أن أسلافنا منذ نحو 4500 سنة لم يكونوا قادرين على تمييز اللون الأزرق على الإطلاق.
وتسبب الفستان الغريب في الأسبوعين الماضيين بحيرة عالمية كبيرة، أثارت الكثير من الجدل، فبالرغم من أن لونه كان أزرق وأسود بشكل واضح بالنسبة للبعض، إلا أن آخرين رأوه أبيض وذهبيا.
وهناك دلائل علمية تفيد بأن الإنسان لم يكن قادراً على رؤية اللون الأزرق على الإطلاق حتى وقت قريب، وبدأت القصة عندما لاحظ ويليام غلادستون، والذي أصبح فيما بعد رئيس وزراء بريطانيا العظمى، أن هوميروس وصف البحر في ملحمة الأوديسة بأنه “خمري/غامق” وألوان غريبة أخرى، لكنه لم يستخدم كلمة “أزرق” مطلقا.
بعد سنوات عدة، قرر عالم لغويات يدعى “لازاروس جيغر” أن يتابع هذا الاكتشاف، وقام بتحليل نصوصٍ قديمة آيسلندية وهندية وصينية وعربية وعبرية، ولم يجد أي ذكر لكلمة “أزرق”، حسبما ذكر.
وتابع جيغر بحثه ليعرف متى بدأت كلمة “أزرق” بالظهور، واكتشف أن أول إشارة للالوان في أي لغة مدروسة حول العالم كانت إشارة للّونين الأبيض والأسود، يليهما في السياق التاريخي اللون الأحمر، لون الدم والخمر، بعد ذلك يأتي اللون الأصفر، وبعده الأخضر، وآخر لون يظهر في جميع هذه اللغات هو اللون الأزرق.
وعند التفكير في الموضوع، قد يكون منطقيا طرح السؤال عن مدى حاجة الإنسان القديم لرؤية هذا اللون؟ حيث لا يوجد حقيقة شيء في الطبيعة مفعم باللون الأزرق بحد ذاته سوى السماء، فليس هناك حيوان أزرق، والأزهار الزرقاء هي من صنع الإنسان (بالاصطفاء الاصطناعي)، وحتى السماء، هل هي حقاً زرقاء؟ فدراسة جيغر للنصوص القديمة تشير إلى أنه لم يتم إطلاق صفة اللون الأزرق على السماء.
وفي الحقيقة فإن أول ذكر لكلمة “أزرق” كانت عند المصريين، وهي الحضارة الوحيدة التي أنتجت أصباغا زرقاء، ومنذ ذلك الوقت يبدو أن معرفة هذا اللون قد انتشرت في العالم الحديث.
لكن هل يعني عدم وجود كلمة أزرق بالضرورة أن أسلافنا لم يكونوا قادرين على رؤيته؟
تفترض العديد من الدراسات أنه بما أن أسلافنا لم يملكوا كلمة تصف اللون “الأزرق”، فعلى الأرجح أنهم لم يكونوا قادرين على رؤيته، أو بمعنى أكثر دقة فربما كانوا يستطيعون رؤيته كما نراه اليوم لكن لم يكونوا بحاجة لملاحظته، وهذا أمر مثير للاهتمام حقا.