باشرت البيتزا الإيطالية معركة من مسقط رأسها نابولي، دفاعاً عن “إيطاليّتها” وعن بقائها إزاء هجمة بدأت قبل سنوات، وباتت أشدّ مع اقتراب موعد افتتاح معرض “إكسبو” 2015 في ميلانو في الأول من الشهر المقبل، وسيحمل عنواناً عريضاً وطموحاً هو “إطعام البشرية”.
ونشرت شركة ماكدونالدز الأميركية على شاشات التلفزيون الإيطالية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، شريطاً ترويجياً يعرض عائلة من أب وأم وطفل صغير، يجلسون في مطعم للبيتزا وبين أيديهم قائمة الأنواع، وحين يصل النادل لأخذ الطلبات يسأل الطفل: “ما نوع البيتزا التي ترغب في أكلها”، فتتسّع ابتسامة الطفل ويُجيب: “هابي ميل” Happy Meal. فيعبّر النادل الإيطالي بوجهه عن قلق يدلّ على الضياع، ويُسمع صوت المعلّق المرح والمقنع قائلاً: “ابنك لا شكوك لديه، فقد أحسن اختيار الـ “هابي ميل”. وينتقل المشهد الملوّن بالموسيقى إلى أحد مطاعم ماكدونالدز وصوت المعلّق يعبّر عن الفرح ويبلّغ المشاهد بأن أربعة يوروات تكفي لإعادة الابتسامة، ليس إلى وجه طفلك فحسب، بل إلى وجوه أفراد العائلة بأسرها. ولم يتأخر الرد الوطني و”النابوليتاني” على ما يعتبره الإيطاليون نهباً لأرضية وطنية، إذ أقامت حركة “البوربونيون الجدد” النابوليتانية دعوى على ماكدونالدز لـ “إساءة إعلانها الترويجي إلى مُنتَج وطني محمي بقوانين من الاتحاد الأوروبي”. وأُمطرت مواقع التواصل الاجتماعي بإعلان مصوّر يبدو كأنه يبدأ من حيث ينتهي إعلان ماكدونالدز. فبدلاً من ابتسامة الطفل العريضة، نشاهد تعبير انزعاج واحتجاجاً من الطفل، وفي هذه المرة ليس بالإنكليزية كما في إعلان ماكدونالدز، بل بلغة نابولي مهد البيتزا، ويحتج الطفل على والده قائلاً: “أبي! إلى أين جئت بي؟ أنا لا أُريد هذا القرف، بل أريد أن آكل البيتزا”. ويأتي صوت المعلّق الدافئ ليقول للآباء، دون نبرة توبيخ: “ها هو ابنك عرف الحقيقة وفضّل البيتزا”.
هذه المواجهة ليست جديدة ولم تتوقّف منذ أن بدأت ماكدونالدز استحواذ اهتمام فئة كبيرة من المجتمع. ليس بإمكان المدافعين عن البيتزا استخدام الراية الوطنية سلاحاً للدفاع عن مساحتها المهدّدة بالاحتلال، لأن ماكدونالدز وفق مديرها الإقليمي في إيطاليا “تستخدم أكثر من 80 في المئة من مستلزماتها من اللحوم والنبات، ممّا يُنتج في إيطاليا”، ويشغل الإيطاليون والمقيمين في البلاد ما يربو على 100 في المئة من مواقع العمل فيها، لذا فهي كمطاعم البيتزا، جزء من الاقتصاد الوطني ونافذة أوكسجين إزاء أزمة البطالة التي تجاوزت نسبتها في الأشهر الأخيرة 40 في المئة.