إذا كنتم تملكون مؤشّر كتلة جسم (BMI) صحّي، فهذا لا يعني بالضرورة أنه لا داعي للقلق بشأن وزنكم وصحّتكم. في الواقع، المنطقة التي يتمّ تخزين الدهون فيها قد تكون عامل تنبؤ أفضل للصحّة، بغض النظر عن مؤشّر كتلة الجسم. إذاً ما هو نوع دهون الجسم الذي يجب القلق منه؟
ليست كلّ الدهون متشابهة، فالنوع الموجود مباشرةً تحت الجلد أي الدهون التي تكون مرئية، ليست بالضرورة مؤذية. انها الدهون غير المرئية التي يجب القلق بشأنها، والتي يُعتقد بأنها مضرّة وتكون نشيطة جداً وتنتج كلّ أنواع الأشياء السيّئة، وهي التي رُبطت تحديداً بزيادة خطر أمراض القلب والأوعية الدموية.
في حين أنّ البدانة مرتبطة بمشكلات صحّية لا تُحصى، بما فيها أمراض القلب التاجية، وإرتفاع ضغط الدم، والسكتات الدماغية، والسكّري من النوع الثاني، فإنّ الدهون لا تُخلق بشكل متساوٍ. الدهون التي تكون تحت الجلد هي النوع المرئي الذي يمكن لمسه في الفخذين ومحيط البطن على سبيل المثال، ويتمركز تحت الجلد ويكون آمناً نسبياً. الأشخاص الذين يملكون شكل الإجاص (Pear Shaped Body)، أي لديهم خصر أصغر ويخزّنون الوزن في الوركين، يمليون إلى إمتلاك مزيد من الدهون تحت الجلد.
أما أجسام الأشخاص التي تتخذ شكل التفاحة (Apple Shaped Body)، أي الذين يخزّنون الوزن حول محيط خصرهم، يميلون إلى إمتلاك دهون حشوية تكون داخلية ولا يمكن رصد وجودها بمجرّد النظر، والأخطر أنها تتجمّع حول الأعضاء كالمعدة، والأمعاء، والكلى.
وقارنت دراسة صغيرة، مجموعتين من المشاركين الشباب الذين يملكون معدل وزن صحّي. حافظت الأولى على وزنها لثمانية أسابيع، غير أنّ الباحثين أفرطوا في تغذية المجموعة الثانية وسببوا لأفرادها إكتساب نحو 4,5 كيلوغرامات في المتوسط. وأتت النتائج الصحّية لافتة جداً للأنظار. من بين المجموعة التي اكتسبت الدهون، بعض المشاركين حصل على مزيد من الدهون الحشوية في حين أنّ البعض الآخر إزدادت لديه دهون تحت الجلد. الأشخاص الذين تراكمت لديهم الدهون الباطنية، أي نحو ثلث المشاركين، شهدوا أكبر تدهور في ضغط الدم ووظيفة بطانة الأوعية الدموية التي هي عبارة عن قياس يرصد مدى سلامة وظائف الأوعية الدموية.
بعد مرور 16 أسبوعاً على إجراء الدراسة، عندما خسر الأشخاص الذين إكتسبوا الدهون الداخلية وزنهم الزائد، عادت وظيفة بطانة الأوعية الدموية إلى طبيعتها. أما بالنسبة إلى الأشخاص الذين حصلوا على دهون تحت الجلد، فلم يشهدوا أيّ تغييرات ملحوظة في وظيفة بطانة الأوعية الدموية. إذاً لا يكفي فقط أن تنتبهوا إلى مظهركم الخارجي، إنما الأهمّ أن تُعيروا أهمّية شديدة لمحتويات أجسامكم وتخضعوا للفحوص المناسبة لمعرفة نسبة الدهون الموجودة فيها.