الغيرة مرض اجتماعي يحدث عند الصغار والكبار كحد سواء، ويحمل كثيرا من المشاعر والآثار السلبية المدمرة للعلاقات الاجتماعية والأسرية، وقد يصل أحياناً لقطيعة الرحم، خاصة إن وجد بين الأخوات، ويظهر جلياً إذا دعمه الآباء بالتفرقة اللاشعورية في التعامل بين الأخوات وتفضيل أحداهما على الأخرى..
دور الوالدين
بداية تقول “نجاح صالح” إن الغيرة موجودة وبكثرة بين الأخوات، وربما يكون الوالدان أحد أسباب تلك المشكلة الكبيرة بتفريقهم بالمعاملة، بتفضيل إحداهما على الأخرى والثناء الحسن، وبالمقابل فللوالدان الدور الأكبر في حل تلك المشكلة بحيث من الواجب عليهما زرع المحبة بين بناتهما والعمل على المساواة بينهن حتى في أدق التفاصيل.
وتقول “ريم سليمان” أشعر كثيراً بكره والدتي لي، فهي دائماً ما تفضل أختي الوسطى علي، فهي تشتري لها ما تريده حتى وإن كان غالي الثمن، وتأخذها دائماً معها للتسوق وللزيارات العائلية والمناسبات وتستشيرها في كل صغيرة وكبيرة حتى وإن كان يخصني، ولا أخفيكم فأنا أغار منها جداً سبب هذه التفرقة، وسوء المعاملة، فأشطاط غضباً حينما تراني أمام قريباتي في أبهى زينتي، وتقول أنها هي السبب وراء تلك الزينة بحسن اختيارها لما ارتديه مع العلم أنها دائما ما تستشيرني وأنا كذالك.
غيرة الجمال
وكشفت “ريم الخالد” عن معاناتها من غيرة أختها الكبيرة، وقالت: عندما أُخبرها أن فلانة امتدحتني بجمالي فهي تحرص على إحباط معنوياتي دائماً، وتعمل على تبرير مدحهم لي وتقول هم لا يرونك إلا قليلاً وأنت بكامل زينتك، فكيف إن رؤوك على طبيعتك في البيت، بالتأكيد ستتغير نظرتهم إليك، وعندما واجهتها بقسوة بكلامها قالت أنت تغيظينني وكلامك فيه انتقاص من شأني، فانا أيضاً جميلة وأجمل منك، والآن عزمت على ألا اخبرها بأي كلمة ثناء في حقي تحقيقاً لرغبتها وأيضا لراحتي النفسية.
وتقول “منيفة” دائماً أنا وأختي في شجار دائم فهي تغار مني ومن زوجي بشكل غير طبيعي فهي تنتقد لبسي ولبس أولادي وأثاث منزلي بشكل لاذع من دون مراعاة لمشاعري، وتحاول جاهده أن تكرهني بزوجي وتنعته بأسوأ الألفاظ مع ثقتي التامة به، وبما أقوم به اتجاه أسرتي ولكن هذا حالها دائما لا تحب أن اظهر بشكل أفصل منها، خاصة أنها تعاني من ظروف مادية قاسية مع زوجها ومع كثرة المشاكل والاختلافات واختلاقها للمشاكل التي تهدد آمن أسرتي واستقرارها قررت مقاطعتها، ولي الآن سنتين لم تدخل بيتي ولم أدخل بيتها ومكان تقابلنا الوحيد منزل والدتي.
وتضيف “هيفاء” لدي ثلاث أخوات أكبر مني وأنا الصغيرة بينهم، وحباني الله بجمال وقامة تلفت أنظار كل من رائني، ومن الطبيعي أن يتم مقارنتي بأخواتي الأكبر مني سناً، التي لم يتمتعن بما أتمتع به، ونظراً لكثرة خطابي انعكس ذالك على معاملة أخواتي لي، فهن دائماً ينزوين بأنفسهن بالحديث، ولا يسمحن لي بالتدخل معهن بحجة أني صغيرة وهن الأكبر، ورغم حرصي التام على ألا أثير ما يزعجهن من مواضيع تخص الجمال والرجيم خاصة انهن بدينات مع انه بالوقت ذاته دائما ما يطلقن علي ألقاب تزعجني وما يطمئنني أن والدتي تقف دائما بصفي.
حالة مرضية
تعلق الأخصائية الاجتماعية “غادة الشامان” بأن الغيرة بين الأخوات أمر طبيعي إن كانت في حدود المعقول، ولكنها قد تصل بالشخص لحالة مرضية تحتاج لتدخل علاجي في حال كانت تلك الغيرة عائقا للإنسان عن أداء مهام حياته اليومية وعدم مقدرته على التعايش مع من حوله بنفس راضية مطمئنة.
وتضيف “الشامان” انه قد يكون للأهل دور كبير في إشعال الغيرة بين الأخوات، وذلك من خلال التفرقة بالمعاملة بينهم بتفضيل إحدى البنات عن قريناتها، بثناء عليها ومدح ما تقوم به دائماً أمام إخوتها والآخرين، حيث تتفاقم تلك الغيرة وتصبح مشكلة لابد لها من حل، مشيرة إلى أن هذا السلوك قد يصدر من الإباء بشكل تلقائي بهدف بث روح الحماس داخل نفوسهم ولا يعلم الوالدان أن سلوكهما هذا يقتل أي سلوك ايجابي يريد الأهل إحياءه، لذا يستوجب على الوالدين زرع الثقة في أبنائهم وفيما يمتلكون وعدم التفرقة بينهم في المعاملة والاحتفاظ بأي مشاعر تفضيل لأحد الأبناء عن غيره، أما اجتماعياً، فالمرأة أكثر من يصاب بهذا المرض نظراً لاعتمادها على قلبها من دون عقلها فهي إنسانة حساسة تتأثر بأي لفظ أو سلوك يصدر من غيرها ضدها ما يدفعها لكتمه أحياناً، أو التعبير عنه بألفاظ وسلوكيات خاطئة تضعها في حالة نفسية سيئة، وقد تكون الغيرة بسبب مشاعر سلبية مؤلمة امتدت من فترة الطفولة.