يعاني كثيرون من أعراض الإرهاق والتعب والإجهاد المزمن طوال اليوم، حتى لدى الاستيقاظ صباحا قبل البدء بأي عمل، فما هي أسباب متلازمة التعب المزمن؟ وكيف يمكن معالجة هذا المرض؟
كثيرا ما نسمع أحدهم يشكو من تعب دائم وأنه مرهق وحتى النوم لا يجدي نفعا كي يشعر بالراحة، من دون أن يعرف أنه مصاب بما يسمى “متلازمة التعب المزمن” وهي حالة من التعب المتكرر لا تختفي حتى بعد الراحة الطويلة. لكن ما هي أسباب هذه الحالة أو المرض إن صح التعبير؟ على ذلك تجيب رئيسة قسم أمراض المناعة في مستشفى شاريتيه في برلين كارمن شايبنبوغن “إننا لا نعرف بعد الأسباب الدقيقة”، ولكنها ترى “متلازمة التعب المزمن” كنوع من أمراض المناعة الذاتية ورد فعل دائم للجهاز المناعي على أعراض مرضية.
وفي دراسة حديثة نشرت في “ساينس أدفانسيز” العلمية الأميركية أجراها باحثون بجامعة كولومبيا في نيويورك، فإن “متلازمة التعب المزمن” هي رد فعل خاطئ لجهاز المناعة على عدوى فيروس، الذي بدل إنجاز مهمته الدفاعية والتوقف، يبقى في حالة نشاط دائم، حسب موقع “شبيغل أونلاين”.
نصائح لتصفية ذهنك بعد يوم عمل مرهق
وفي هذا السياق تقول شايبنبوغن، المريض المثالي لمتلازمة التعب المزمن، هو شاب كان يتمتع بصحة جيدة، وبعد إصابته بعدوى فيروس، يشعر بأعراض تشبه أعراض الزكام، حيث يشعر بآلام في الرأس والعضلات والمفاصل، ويحدث لديه اضطراب في النوم ولا يستطيع التركيز جيدا، وباختصار لا يستعيد صحته وعافيته ويبقى مريضا وتزاد لديه أعرضا التعب الشديد والشعور بالإرهاق النفسي والجسدي.
وفي حالة الإصابة الشديدة وتدهور صحة المريض، فإنه يبقى ملازما الفراش ولمدة طويلة جدا، طوال فترة الإصابة. ورغم صعوبة هذه الحالة المرضية والمعاناة الشديدة للمصابين بها، إلا أنه ليس هناك علاج فعال للتصدي له، يأمل المرضى أن يطور الباحثون علاجا يقلل من معاناتهم ويخفف من آلامهم النفسية بالدرجة الأولى ويعود لممارسة حياتهم الطبيعية.
معالجة المرض
حتى الآن ليست هناك طريقة فعالة مثالية لمعالجة “متلازمة التعب المزمن” وفي هذا الإطار تشير الطبيبة كارمن شايبنبوغن إلى أنه “غالبا ما يتم معالجة الأعراض التي تظهر على المريض، فإذا كانت هناك إصابة بعدوى فيروس أو خلل في الجهاز المناعي، فتتم محاولة معالجتها بشكل دقيق. وقبل كل شيء تتم محاولة توزيع القوى الطاقة المتبقية لدى المريض بشكل متوازن والحفاظ على فترات الراحة والتدرب على التعامل مع حالات الإجهاد بشكل أفضل”.
وتحذّر من أنه “في حال تفاقم المرض نتيجة إفراط في طلب يفوق طاقة المريض أو إصابة شديدة بعدوى فيروسي، فإن ذلك يمكن أن تدهور في صحته واستمرار المرض لفترة طويلة”.
لذا يعتبر التعود وتحسين التصرف ومقاومة الإجهاد بشكل أفضل، يعتبر أمرا مهما جدا لمواجهة “متلازمة التعب المزمن” والتغلب عليه والشفاء بشكل أسرع. لكن هناك دراسة نرويجية حديثة أجريت حول هذا المرض شارك فيها 16 مريضا، تمت معالجتهم بـ”ريتوكسماب” وهو هو جسم مضاد وحيد النسيلة مجانس مضاد للبروتين CD20 الموجود بصورة رئيسة على سطح الخلايا البائية، ويستخدم في علاج الأمراض التي تتميز بارتفاع عدد الخلايا البائية أو تكون فيها الخلايا البائية مفرطة في الفعالية أو تكون مختلة المفعول، وهذا يشتمل على العديد من الأورام اللمفية وابيضاض الدم ورفض الطعم وأمراض المناعة الذاتية.
النتيجة كانت مبشرة وتبعث على الأمل والتفاؤل، إذ أن “10 من المرضى تحسنت حالتهم بشكل ملحوظ، ولكن ظهرت أعراض جانبية ملفتة لدى بعضهم” تقول شايبنبوغن.
ولا تزال الأبحاث حول هذا المرض تجرى في أكثر من مركز علمي في النرويج ستستمر حتى عام 2017. ويأمل الباحثون أن تسفر دراساتهم وتجاربهم عن دواء وطريقة علاج فعالة تنهي معاناة المرضى وتساعدهم في العودة إلى ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي وهم يتمتعون بالصحة والعافية.