يمكن للمتأمل لنظام حياة سكان منطقة ماكاو الصينية أن يكتشف سرّ ارتفاع متوسط عمر الانسان هناك.
لا تشتهر منطقة ماكاو الصينية فقط بكثرة نوادي القمار، ولكنها أيضا تحمل أسرارا تتعلق بارتفاع متوسط أعمار سكانها.
تشان أحد سكان هذه المنطقة البالغ من العمر 90 عاما، والمعروف في قرية كولوان باسم “العم الثري”، دأب على القيام بالعمل ذاته طوال حياته.
يرتدي الرجل النحيف المفعم بالنشاط كل يوم قميصا فضفاضا قصير الأكمام، لينطلق في جولته الصباحية للسير على امتداد شاطئ القرية الجميل. ويضيف أحيانا لأحد دروبه المفضلة هواية عبور الحدائق، أو السير على الرمل الأسود لشاطئ شيوك فان.
يقول تشان، الذي تتكون أسرته من 8 أولاد و10 أحفاد، إنه “يقضي معظم وقته في الخارج. ويفضل الجلوس مع زوجته على الشاطئ، والاستمتاع بالمناظر الخلابة، ويفضل الابتسامة”.
يعزو المعمر الصيني السبب في طول حياته إلى ذلك النظام البسيط الذي يتبعه، ولكنه لا يبدو استثناء في ذلك. فبحسب تقرير سنوي تصدره الاستخبارات الأمريكية “سي آي إيه”، ويعرف باسم “كتاب حقائق العالم”، يتمتع مواطنو ماكاو بالمرتبة الرابعة عالميا في طول العمر بمعدل 84.51 عام، بعد موناكو التي يبلغ متوسط أعمار مواطنيها 89.52 عام، واليابان التي يبلغ متوسط أعمار مواطنيها 84.74 عام، وسنغافورة التي تحتل المرتبة الثالثة بمعدل 84.68 عام.
ومن المثير للانتباه أنّ بزنس الكازينو الذي يمنح ماكاو شهرتها كإحدى بؤر القمار في العالم، يعتبر أيضاً أحد أسباب إطالة أعمار السكان. فحسب التقرير الأميركي، تعتبر هذه المنطقة أغنى بقعة، وأسرع الاقتصادات نمواً في العالم.
ويتاح لكبار السنّ في ماكاو التمتع بخدمات المراكز الاجتماعية المنتشرة في المدينة، حيث بإمكانهم الاستفادة من العروض الفنية وتناول الطعام والتواصل مع الآخرين والاشتراك في رحلات ميدانية، وهو ما ينسجم مع ما ورد في تقرير جودة الحياة في المنطقة.
وإذا كان عادة يصعب الربط بين الثقافة وطول العمر، إلا أنّ الثقافة الصينية عامل آخر من العوامل المساعدة. فمن بين الأشياء التي يصعب قياس تأثيرها، اعتبار العلاقات العائلية والاجتماعية أمرا في غاية الأهمية. فالحياة البسيطة، والابتعاد عن فخ التكنولوجيا، ووفرة الحدائق أمور لها تأثير على طول العمر.