اليوغا رياضة تغزو العالم وأصبحت من أحدث صيحات الرياضة والعلاج النفسي أيضاً. هذه الرياضة، التي نشأت من طقوس دينية هندوسية قديمة، ثبت أنها تغير من طريقة عمل دماغ ممارسيها، بحسب باحثة في جامعة “هارفارد.”
تعتبر سارة لازار، باحثة الأمراض العصبية في كلية الطب بجامعة هارفارد الأميركية، من بين الأوائل الذين اكتشفوا علاقة مباشرة بين ممارسة رياضة اليوغا، أو أي نوع من أنواع التأمل، وتغيير طبيعة عمل الدماغ، وهو افتراض أثار استغراب وسخرية المجتمع العلمي في البداية.
وتقول لازار، في حوار مع صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، إن أول دراسة قامت بها في هذا المجال خلصت إلى أن عينة الدراسة ممن مارسوا اليوغا أو أحد أشكال التأمل الأخرى ازدادت عندهم كمية المادة الرمادية، وهي مجموع الخلايا العصبية والروابط بين تلك الخلايا في الدماغ، في المناطق المسؤولة عن الوظائف الحسية.
وتضيف الباحثة الطبية أن أفراد عينة الدراسة ازدادت عندهم المادة الرمادية أيضاً في الدماغ الأمامي، وهي المنطقة المسؤولة عن الذاكرة الفعالة ومراكز اتخاذ القرار. كما أن الاكتشاف المدهش الذي وجدته سارة لازار في عينتها هو أن حجم الدماغ الأمامي لدى من تجاوزت أعمارهم الخمسين عاماً كان مساوياً لمن هم في الخامسة والعشرين من العمر، بالنظر إلى أن الدماغ الأمامي يتقلص مع تقدم الإنسان في العمر، وهو ما يفسر شيوع النسيان وضعف الذاكرة.
من جهة أخرى، أشار موقع مجلة “فوربس” الشهيرة إلى دراسة قامت بها جامعة ييل الأميركية حول نفس الموضوع، وتوصلت إلى أن التأمل العميق يقلل من نشاط “شبكة الوضع الافتراضي” في الدماغ، والمسؤولة عن شرود الذهن والتنقل غير الواعي من فكرة إلى أخرى، وهو أمر يرتبط بالشعور بالإحباط والحزن والتحسر.
كما أن دراسة قامت بها جامعة جون هوبكينز العام الماضي توصلت إلى أن اليوغا أو التأمل توازي في تأثيرها الأدوية المثبطة للاكتئاب، مما يعني إمكانية الاستعانة بها كبديل عن الأدوية، والتي يرتبط قسم كبير منها بخطر الإدمان. وأخيراً، فإن دراسة أجريت مؤخراً ربطت بين التأمل وازدياد القدرة على التركيز والانتباه، سواء لدى الكبار أو الصغار، حتى لمن بدؤوا بممارسة التأمل لمدة أسبوعين فقط. فقد وجدت الدراسة أن من قاموا بالتأمل لمدة أسبوعين فقط تحسنت درجاتهم في اختبارات القدرة اللفظية بامتحانات الثانوية العامة في الولايات المتحدة.
وتشير الدراسات الحديثة إلى أنه بالتعليم والإرشاد الصحيح، دقائق عدة فقط من التأمل يومياً قد تعود على من يمارسه بفوائد عديدة.