من الأمور التي يتوجب على النفس الإنسانية أن تتحلى بها عند التعامل مع الغير، وحتى مع نفسها، هي موضوع الثقة، والثقة تعني الإبمان المطلق والاقتناع التام بقدرة الآخرين على أداء مهمة معينة والإيمان المطلق بقدرات الشخص المقابل أو أنها قد تكون الإيمان المطلق بأخلاق من نتعامل معهم، فالثقة المتبادلة بين الأشخاص هي أساس النجاح، وهي أكثر ما يظهر عند تعامل المدير مع موظفيه وعندما يتعامل الأفراد مع بعضهم ضمن مؤسسة أسسوها بأيديهم وتتطلب منهم العلم الجماعي، وتظهر أيضاً كثيراً في العلاقات الاجتماعية المتبادلة بين الزوج وزوجته، الأب وابنه، الإخوان والأخوات، الأصدقاء والصديقات، كل هذه الامور مجتمعة تتطلب الثقة بنسبة عالية.
وقدرة الإنسان على أن يثق بالآخرين تتحدد بالتجارب الشخصية التي مر بها هذا الإنسان، هناك بعض الناس من لا يثقون في الآخرين حتى على مستوى أن يحضروا لهم مجرد كوب من الماء، هذا النوع من الأشخاص ربما يكون قد مر لتجارب ساهمت ولعبت دوراً في أن يتحول إلى إنسان بهذه الصفات، فتجده دائماً على أهبة الاستعداد، يترقب من حوله خوف أن يغدروا به، فهو لا شك بحاجة إلى استشارة الطبيب النفسي.
ولا شكل أن الإنسان الطبيعي معرض لأن يفقد ثقته بببعض من حوله فالثقة أساسأ تبنى على أهلية الشخص الذي أتعامل معه له، فإذا كان تاريخ جيد عندما أدى نفس المهام، فقطعاً سوف يكون أهلاً للثقة، أما إن كان معروفاً بتسكعه واستهتاره واستغلاله لثقة الناس فيه ولمشاعرهم اتجاهه، فهو إنسان لا يستحق أن توضع ثقتنا فيه. ومن هنا كان لزاماً التحري أولاً وبشكل دقيق عمن نريد ان نثق بهم، خصوصاً إذا كانوا يمثلون جهات أو شركات وباب الثقة هنا يدخل من باب أننا سوف نرتبط معهم بمصالح قد تكون مصيرية.
أما على المستوى الاجتماعي فبين الأزواج يجب أن تتولد الثقة لأنه بالشك ستنتهي الحياة فإذا طغى الشك على الحياة الزوجية على سبيل المثال فلن تستمر طويلاً، ولنا أن نتخيل حياة شريكين يوجهان الاتهامات دائماً لبعضهما البعض، كيف ستكون العلاقة بينهما ؟ ومن هنا وفي حالات الزواج يجب أن توضع حسن النية على رأس القائمة، ولا يجب تفسير أي تصرف على انه محاولة للغدر أو الخيانة أو التهرب من المسؤوليات بل يجب أن تكون الحياة مبنية على الحب والقناعة التامة بأهمية الحياة الزوجية ومصيريّتها بالنسبة لكلا الطرفين، حتى ينعما بحياة طيبة هانئة وادعة