ينطلق كثيرٌ من الآباء في حوارهم مع أبنائهم من فكرةٍ مغلوطة مفادها أنّ جيلهم كجيل أبنائهم، والحقيقة أن الاختلاف واضح بين الجيلين في جوانب كثيرة، فالجيل القديم لم يعرف التّكنلوجيا التي ظهرت أدواتها في العصر الحديث، كما أنّه لم يعرف كثيراً من العادات المستحدثة التي يمارسها الجيل الجديد، فالجيل القديم لم يعرف عادة السّهر على سبيل المثال على شاشات التّلفاز بل كان همّ الإنسان قديماً أن ينال قسطاً من الرّاحة بعد يومٍ حافل بالكدّ والعمل، فهموم النّاس وعاداتهم وسلوكيّاتهم تختلف من جيلٍ لجيل تبعاً لتطور الحياة وتغيّر سماتها.
إنّ من الأقوال المشهورة في فنّ تربية الآباء لابنائهم قول الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه حين قال لا تربّوا أبناءكم على ما ربّاكم آباءكم فإنّهم خلقوا لزمان غير زمانكم، فيجب على المربّين أن ينطلقوا عند تربية أبنائهم والحوار معهم من حقيقة الاختلاف بين الجيلين حتّى تتحقّق النّتائج المرجوّة، وإنّ أهميّة الحوار الهادف بين الآباء والأبناء تكمن فيما يلي:
أهمية الحوار بين الآباء والأبناء
تجسير الهوّة بين جيل الآباء والأبناء وتقريب أفكار كلّ جيلٍ إلى الآخر، فبالحوار يستطيع الآباء الجلوس مع أبنائهم ومناقشة كلّ المسائل بحيث يشرح كلّ جيلٍ إلى الآخر أفكاره ومعتقداته ونظرته إلى الحياة، وبعد ذلك يعملوا على تقريب أفكارهم والبحث عن قواسم مشتركة بينهم.
التّشارك في رسم الأهداف والسّعي لتحقيقها، فالحوار بين الآباء والأبناء يجعلهم يتشاركون في وضع الأهداف التي يسعون إلى تحقيقها، كما يتشاركون في البحث عن الوسائل والطّرق التي تعمل على تحقيق تلك الأهداف.
تهذيب نفوس الجيل الجديد وتعليمه آداب الحوار من حسن استماع وحضور بديهة وحسن اختيار الألفاظ والكلمات مع الحفاظ على رباطة الجأش وعدم رفع الصّوت مع البعد عن العصبيّة والهوجائيّة في الحوار، والاستعداد لقبول الرّأي الأصوب حينما يتبيّن للإنسان ذلك.
الحوار الهادف هو سبيل لخلق الأفكار الإبداعيّة والمخرجات النّافعة المفيدة، فجلسات الحوار بين الآباء والأبناء تعمل على استثار العقول وتحفيزها لابتكار وابداع الحلول.
مواكبة الجيل القديم لمستجدات الحياة العصريّة، فكم من الآباء يشكو من مسألة عدم إدراك آبائهم لمعنى التّكنلوجيا وعدم معرفتهم باستخدام كثيرٍ من أدواتها، وأنّ الحوار بين الجيلين يعمل على تزويد الجيل القديم بالمعلومات عن الأدوات الحديثة بحيث يتمكّن من فهمها ويتعلّم القدرة على استخدامها وتطويعها في الحياة، ولا شكّ بأنّ هذا الأمر يعمل على تشارك كلّ جيل مع الآخر بحيث يكونوا يداً واحدةً في العمل والإنتاج.