هل نشهد يوماً تحذيراً على عبوات منتجات الجبن شبيهاً بذلك الذي أقرته الدوائر الرسمية على علب السجائر؟ وهل نشهد مثلاً تحذيراً يقول “تناول الأجبان شكل من أشكال الإجرام”؟ أو “تناول الأم الحامل للجبن جريمة”؟ وهل سيقر يوماً قانوناً يمنع على الأمهات الحوامل عدم تناول الأجبان أو البيض غير المسلوق جيداً؟
هذا ما قد يحدث يوماً بناء على قضية شهدتها محكمة في مقاطعة بإنجلترا، رفضت الصحف البريطانية تسميتها.
فقد طلب من قضاة أن يقرروا فيما إذا كانت الأم التي تتناول نصف زجاجة من المشروبات الروحية و8 علب من مشروبات قوية أخرى يومياً أثناء الحمل “ارتكبت جريمة عنف” بحق الجنين.
وسيترتب على ذلك، دفع تعويض للطفل الذي كانت والدته تتناول المشروبات الروحية أثناء الحمل، ما يعني أنه سلوك قد “يجرم” الأمهات على أي سلوك آخر يعرض الأجنة للخطر مثل تناول البيض أو الأجبان غير المبسترة.
وفي القضية المرفوعة أمام المحكمة، طلب من القضاة إقرار ما إذا كان يجب تعويض فتاة في السادسة بسبب إصابتها بـ”أضرار إجرامية” لأنها تعاني حالياً من “إعاقة في النمو” جراء تناول والدتها المشروبات الروحية بإفراط”.
وحكمت محكمة الاستئناف لصالح الفتاة، وبالتالي اعتبر القرار أن الأم “ارتكبت عملاً إجرامياً” لعدم قدرتها على التحكم بسلوكها، و”أنها كانت مدركة للمخاطر الناجمة عن المشروبات”.
ومضامين هذا القرار قد تعني أن أي “سلوك خطير” آخر تقوم به الأم الحامل سيتم التعامل معه باعتباره “جرائم عنيفة”، كما أشار أحد المحامين في هيئة تعويض الإصابات الإجرامية.
وقال المحامي بن كولينز: “ثمة صراع أفكار بشأن ما هو خطير أو غير خطير، ليس فقط فيما يتعلق بالمشروبات الروحية، وإنما فيما يتعلق بالتدخين والأطعمة”.
فهل يمكن أن يقال للمرأة الحامل التي تتناول الأجبان غير المبسترة أو البيض غير المسلوق جيداً أو قليل النضج، المعروفة مخاطرها، بأنها يجب أن تتجنب مأكولات معينة؟
وهل يجب أن تصنف هذه المأكولات ضمن “الأطعمة التي قد تلحق ضرراً بالأجنة”.
وتحذر هيئة الصحة البريطانية الحوامل من تناول البيض غير المسلوق جيداً لأنه قد يحتوي على السالمونيلا، في حين أن الأجبان، بما فيها أجبان معروفة مثل بيري وكاممبرت، يقال إنها تشكل خطر إصابة الأطفال بمرض دماغي هو الليسترية.
وفي حالة الأم هنا فإنها كانت تتناول المشروبات الكحولية وفي في سن الثالثة عشرة، وكانت تتناول المشروبات الروحية بإفراط عندما كانت حاملاً بطفلها الثاني البالغ من العمر حالياً 18 عاماً.
وفي حالتين، تدخلت الشرطة عندما عثر على الأم في حالة سكر شديد، وبعدها عرضت على موظفي الصحة والإغاثة الاجتماعية، حيث شرحوا لها أخطار الإفراط في المشروبات.
وقال محامي الادعاء العام جون فوي إن الأم كانت مدركة بالكامل للأخطار الناجمة عن سلوكها، مضيفاً “أصبح شائعاً في أوساط الناس أن تناول الكثير من المشروبات الكحولية يؤذي الأجنة… وتم توضيح مخاطر الكحول للأم في حالتين على الأقل.. والحالة ليست أنها لا تعلم بالمخاطر”.
وقالت المحكمة إن الأم كانت تتناول ما يصل إلى 57 وحدة يومياً، فيما تقول هيئة الصحة إن تناول 7.5 وحدة يومياً يشكل خطراً على الجنين.
وبرغم قرار المحكمة فإنه لا توجد أي مؤشرات على أن الأم كانت تعتزم إلحاق الضرر بأبنائها، ومن المتوقع أن تستأنف الأم الحكم الصادر بحقها.