لم يكن يخطر ببال خبراء الإعلام الاجتماعي، أن تتحول وسائل التواصل الاجتماعي، التي اسهمت بقوة في اندلاع ثورات الربيع العربي، وأسقطت حكومات، إلى أداة تهدد بـ”هدم منظومة أسرية وتغير من شكل خريطة العلاقات الإنسانية في مجتمعنا”.
هذه التغيرات التكنولوجية، التي لم يستوعبها مجتمعنا، بحسب الخبراء، بدأت بخلق مفاهيم جديدة في العلاقات الأسرية، قد ينتج عنها طلاق لأسباب سطحية، لم تكن موجودة قبل ولوجنا المنظومة الاتصالية الحديثة.
أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور حلمي ساري، حذر في دراسة جديدة له حول تأثير مواقع التواصل على العلاقات الأسرية والقرابية في المجتمع، من سحب البساط من تحت أقدام الأسرة، واندفاع الشباب نحو التحرر من “سلطة المجتمع بعاداته وتقاليده”.
وكشفت الدراسة أن الشباب لم يمانعوا اختيار شريك العمر عن طريق أحد المواقع إذا ما اقتنعوا به، بصرف النظر عن موافقة الأهل عليه.
بينما ذهب شباب جامعيون إلى أبعد من ذلك في دفاعاتهم عن خياراتهم وقراراتهم الشخصية بالزواج، ووصل ببعضهم التحرر من الضبط الأسري، حدا لم يعودوا يخشون فيه لوم أهلهم لهم بسببه، إذا ما فشلت مثل هذه العلاقة مستقبلا.
وحسب الدراسة التي أجريت على 509 طلاب وطالبات، موزعين على 6 جامعات حكومية وخاصة، فإن ما أحدثته مواقع التواصل من تغيرات، أثر على العلاقات العاطفية بين الشباب، بدفعهم للزواج، ما يؤشر إلى بداية تغير في أشكال وأنماط الزواج داخل المجتمع، وفي محدداته الاجتماعية المفروضة من الأسر والأقارب.
وتمكن هذا النوع من الاتصال خلال فترة وجيزة، وفق نتائج الدراسة، من جعل الشباب يعيدون النظر في مفاهيم اجتماعية راسخة كمفهوم “الزواج نفسه”، وطرق اختيار شريك العمر، إلى جانب جعل شباب يعيدون النظر في مفهوم القرابة، وما يتصل بها من علاقات اجتماعية أخرى.
وقد جاء تأثير مواقع التواصل الاجتماعي “متوسطا” في هذه الجوانب من العلاقات الاجتماعية، برغم أن 91.6 % من الشباب يستخدمون “الفيسبوك” و60.1 % “اليوتيوب” و25.1% “تويتر”.
ومع ذلك، علينا ألا نستهين بهذا التأثير الاتصالي في ضوء عمره القصير في المجتمع الأردني، وفق ساري عميد كلية الإعلام بجامعة الشرق الاوسط سابقا.
وقال لـ”الغد” إن “تأثير المواقع الاتصالية بما فيها الهاتفية على العلاقات الأسرية في زمن قصير، مؤشر واضح على مدى التراجع، أو ربما التحرر الذي طرأ على الضبط الأسري الممارس على اختيارات الشباب، وقراراتهم المتعلقة بزواجهم”.
وفي ظل ذلك، بات صعبا على خبراء الاجتماع وضع توقعات دقيقة حول ما سيؤول إليه هذا الضبط في الأعوام اللاحقة،